قال قرطبي في تفسيره
استغاثة دليل الوهابية وردهم
ا
قوله تعالى : إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم أي إن تستغيثوا بهم في النوائب لا يسمعوا دعاءكم ; لأنها جمادات لا تبصر ولا تسمع . ولو سمعوا ما استجابوا لكم إذ ليس كل سامع ناطقا . وقال قتادة : المعنى لو سمعوا لم ينفعوكم . وقيل : أي لو جعلنا لهم عقولا وحياة فوسمعوا دعاءكم لكانوا أطوع لله منكم ، ولما استجابوا لكم على الكفر . ويوم القيامة يكفرون بشرككم أي يجحدون أنكم عبدتموهم ، ويتبرءون منكم . ثم يجوز أن يرجع هذا إلى المعبودين مما يعقل ; كالملائكة والجن والأنبياء والشياطين أي يجحدون أن يكون ما فعلتموه حقا ، وأنهم أمروكم بعبادتهم ; كما أخبر عن عيسى بقوله : ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ويجوز أن يندرج فيه الأصنام أيضا ، أي يحييها الله حتى تخبر أنها ليست أهلا للعبادة . ولا ينبئك مثل خبير هو الله جل وعز ; أي لا أحد أخبر بخلق الله من الله ، فلا ينبئك مثله في عمله .
قال ابن كثير في تفسيره
ثم قال : ( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ) يعني الآلهة التي تدعونها من دون الله لا يسمعون دعاءكم ; لأنها جماد لا أرواح فيها ( ولو سمعوا ما استجابوا لكم ) أي : لا يقدرون على ما تطلبون منها ، ( ويوم القيامة يكفرون بشرككم ) ، أي : يتبرءون منكم ، كما قال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) [ الأحقاف : 5 ، 6 ] ، وقال : ( واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ) [ مريم : 81 ، 82 ] .
قال ابن جرير الطبري في تفسيره
القول في تأويل قوله تعالى : إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)
قوله ( إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ )يقول تعالى ذكره: إن تدعوا أيها الناس هؤلاء الآلهة التي تعبدونها من دون الله لا يسمعوا دعاءكم؛ لأنها جماد لا تفهم عنكم ما تقولون ( وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ) يقول: ولو سمعوا دعاءكم إياهم، وفهموا عنكم أنها قولكم، بأن جعل لهم سمع يسمعون به، ما استجابوا لكم؛ لأنها ليست ناطقة، وليس كل سامع قولا متيسرًا له الجواب عنه، يقول تعالى ذكره للمشركين به الآلهة والأوثان: فكيف تعبدون من دون الله من هذه صفته، وهو لا نفع لكم عنده، ولا قدرة له على ضركم، وتدعون عبادة الذي بيده نفعكم وضركم، وهو الذي خلقكم وأنعم عليكم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ )أي: ما قبلوا ذلك عنكم، ولا نفعوكم فيه.
وقوله ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ) يقول تعالى ذكره للمشركين من عبدة الأوثان: ويوم القيامة تتبرأ آلهتكم التي تعبدونها من دون الله من أن تكون كانت لله شريكًا في الدنيا.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ) إياهم ولا يرضون ولا يقرون به.
وقوله (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) يقول تعالى ذكره: ولا يخبرك يا محمد عن آلهة هؤلاء المشركين وما يكون من أمرها وأمر عَبَدَتها يوم القيامة؛ من تبرئها منهم، وكفرها بهم، مثل ذي خبرة بأمرها وأمرهم، وذلك الخبير هو الله الذي لا يخفى عليه شيء كان أو يكون سبحانه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل &; 20-454 &; .
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله ( وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) والله هو الخبير أنه سيكون هذا منهم يوم القيامة.
قال الرازي في تفسيره
ثم قال تعالى : ( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ) .
إبطالا لما كانوا يقولون : إن في عبادة الأصنام عزة من حيث القرب منها والنظر إليها وعرض الحوائج عليها ، والله لا يرى ولا يصل إليه أحد ، فقال هؤلاء : لا يسمعون دعاءكم والله يصعد إليه الكلم الطيب ، فيسمع ويقبل ، ثم نزل عن تلك الدرجة ، وقال : هب أنهم يسمعون كما يظنون ، فإنهم كانوا يقولون بأن الأصنام تسمع وتعلم ، ولكن ما كان يمكنهم أن يقولوا : إنهم يجيبون لأن ذلك إنكار للمحس به ، وعدم سماعهم إنكار للمعقول ، والنزاع وإن كان يقع في المعقول فلا يمكن وقوعه في المحس به ، ثم إنه تعالى قال : (ويوم القيامة يكفرون بشرككم ) لما بين عدم النفع فيهم في الدنيا بين عدم النفع منهم في الآخرة ، بل أشار إلى وجود الضرر منهم في الآخرة بقوله : ( ويوم القيامة يكفرون بشرككم ) أي بإشراككم بالله ، كما قال تعالى : (إن الشرك لظلم عظيم ) [ لقمان : 13 ] أي الإشراك ، وقوله : ( ولا ينبئك مثل خبير ) يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون ذلك خطابا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ووجهه هو أن الله تعالى لما أخبر أن الخشب والحجر يوم القيامة ينطق ويكذب عابده ، وذلك أمر لا يعلم بالعقل المجرد لولا إخبار الله تعالى عنه أنهم يكفرون بهم يوم القيامة ، وهذا القول مع كون الخبر عنه أمرا عجيبا هو كما قال ؛ لأن المخبر عنه خبير .
وثانيهما : هو أن يكون ذلك خطابا غير مختص بأحد ، أي هذا الذي ذكر هو كما قال : ( ولا ينبئك ) أيها السامع كائنا من كنت ( مثل خبير ) .
قال في روح البيان في تفسيره
التوجه الى روحانية الانبياء والاولياء وان كانوا مخلوقين فان الاستمداد منهم والتوسل بهم والانتساب اليهم من حيث انهم مظاهر الحق ومجالى انواره ومرائى كمالاته وشفعاؤه فى الامور الظاهرة والباطنة له غايات جليلة وليس ذلك بشرك اصلا بل هو عين التوحيد ومطالعة الانوار من كطالعها ومكاشفة الاسرار من مصاحفها
No comments:
Post a Comment