Showing posts with label متشابه قوله ينزل. Show all posts
Showing posts with label متشابه قوله ينزل. Show all posts

Sunday, June 30, 2019

متشابه قوله ينزل



في فتح الباري باب التهجد 37


قوله : ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ) استدل به من أثبت الجهة ، وقال : هي جهة العلو ، وأنكر ذلك [ ص: 37 ] الجمهور [1] لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز ، تعالى الله عن ذلك . وقد اختلف في معنى النزول على أقوال : فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته ، وهم المشبهة ، تعالى الله عن قولهم . ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة ، وهم الخوارج ، والمعتزلة ، وهو مكابرة ، والعجب أنهم أولوا ما في القرآن من نحو ذلك ، وأنكروا ما في الحديث ، إما جهلا ، وإما عنادا ، ومنهم من أجراه على ما ورد مؤمنا به على طريق الإجمال منزها الله تعالى عن الكيفية والتشبيه ، وهم جمهور السلف ، ونقله البيهقي وغيره عن الأئمة الأربعة ، والسفيانين ، والحمادين ، والأوزاعي ، والليث ، وغيرهم ، ومنهم من أوله على وجه يليق ، مستعمل في كلام العرب ، ومنهم من أفرط في التأويل ، حتى كاد أن يخرج إلى نوع من التحريف ، ومنهم من فصل بين ما يكون تأويله قريبا مستعملا في كلام العرب ، وبين ما يكون بعيدا مهجورا ، فأول في بعض ، وفوض في بعض ، وهو منقول عن مالك ، وجزم به من المتأخرين ابن دقيق العيد ، قال البيهقي : وأسلمها الإيمان بلا كيف ، والسكوت عن المراد إلا أن يرد ذلك عن الصادق ، فيصار إليه . من الدليل على ذلك اتفاقهم على أن التأويل المعين غير واجب ، فحينئذ التفويض أسلم . وسيأتي مزيد بسط في ذلك في كتاب التوحيد ، إن شاء الله تعالى . وقال ابن العربي : حكي عن المبتدعة رد هذه الأحاديث ، وعن السلف إمرارها ، وعن قوم تأويلها ، وبه أقول . [2] فأما قوله : ينزل فهو راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته ، بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه ، والنزول كما يكون في الأجسام يكون في المعاني ، فإن حملته في الحديث على الحسي فتلك صفة الملك المبعوث بذلك ، وإن حملته على المعنوي ، بمعنى أنه لم يفعل ثم فعل ، فيسمى ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة ، فهي عربية صحيحة . انتهى . والحاصل أنه تأوله بوجهين : إما بأن المعنى ينزل أمره أو الملك بأمره ، وإما بأنه استعارة بمعنى التلطف بالداعين والإجابة لهم ونحوه . وقد حكى أبو بكر بن فورك أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول أي ينزل ملكا ، ويقويه ما رواه النسائي من طريق الأغر ، عن أبي هريرة وأبي سعيد بلفظ : إن الله يمهل ، حتى يمضي شطر الليل ، ثم يأمر مناديا يقول : هل من داع فيستجاب له . الحديث




الحديث الرابع : حديث أبي هريرة أيضا ، قوله : يتنزل ربنا ) كذا للأكثر بمثناة وتشديد ، ولأبي ذر عن المستملي والسرخسي " ينزل " بحذف التاء والتخفيف ، وقد تقدم شرحه في " كتاب التهجد " في باب الدعاء في الصلاة في آخر الليل ، وترجم له في الدعوات " الدعاء نصف الليل " وتقدم هناك مناسبة الترجمة لحديث الباب مع أن لفظه " حين يبقى ثلث الليل " ومضى بيان الاختلاف فيما يتعلق بأحاديث الصفات في أوائل " كتاب التوحيد " في باب وكان عرشه على الماء ، والغرض منه هنا قوله " فيقول من يدعوني " إلى آخره وهو ظاهر في المراد سواء كان المنادي به ملكا بأمره أو لا ؛ لأن المراد إثبات نسبة القول إليه وهي حاصلة على كل من الحالتين ، وقد نبهت على من أخرج الزيادة المصرحة بأن الله يأمر ملكا فينادي في " كتاب التهجد " وتأويل ابن حزم النزول بأنه فعل يفعله الله في سماء الدنيا كالفتح لقبول الدعاء وأن تلك الساعة من مظان الإجابة وهو معهود في اللغة ، تقول : فلان نزل لي عن حقه بمعنى وهبه ، قال : والدليل على أنها صفة فعل تعليقه بوقت محدود ومن لم يزل لا يتعلق بالزمان فصح أنه فعل حادث ، وقد عقد شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي وهو من المبالغين في الإثبات حتى طعن فيه بعضهم بسبب ذلك في كتابه الفاروق بابا لهذا الحديث ، وأورده من طرق كثيرة ثم ذكره من طرق زعم أنها لا تقبل التأويل مثل حديث عطاء مولى أم صبية عن أبي هريرة بلفظ " إذا ذهب ثلث الليل " وذكر الحديث وزاد " فلا يزال بها حتى يطلع الفجر فيقول هل من داع يستجاب له " أخرجه النسائي وابن خزيمة في صحيحه وهو من رواية محمد بن إسحاق وفيه اختلاف ، وحديث ابن مسعود وفيه : فإذا طلع الفجر صعد إلى العرش " أخرجه ابن خزيمة وهو من رواية إبراهيم الهجري وفيه مقال ، وأخرجه أبو إسماعيل من طريق أخرى عن ابن مسعود قال " جاء رجل من بني سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علمني " فذكر الحديث وفيه " فإذا انفجر الفجر صعد " وهو من رواية عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عم أبيه ولم يسمع منه ، ومن حديث عبادة بن الصامت وفي آخره " ثم يعلو ربنا على كرسيه " وهو من رواية إسحاق بن يحيى عن عبادة ولم يسمع منه ، ومن حديث جابر وفيه " ثم يعلو ربنا إلى السماء العليا إلى كرسيه " وهو من رواية محمد بن إسماعيل الجعفري عن عبد الله بن سلمة بن أسلم وفيهما مقال ، ومن حديث أبي الخطاب " أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوتر " فذكر الوتر وفي آخره " حتى إذا طلع الفجر ارتفع " وهو من رواية ثوير بن أبي فاختة وهو ضعيف ، فهذه الطرق كلها ضعيفة وعلى تقدير ثبوتها لا يقبل قوله أنها لا تقبل التأويل فإن محصلها ذكر الصعود بعد النزول فكما قبل النزول التأويل لا يمنع قبول الصعود التأويل ، والتسليم أسلم كما تقدم والله أعلم . وقد أجاد هو في قوله في آخر كتابه فأشار إلى ما ورد من الصفات وكلها من التقريب لا من التمثيل ، وفي مذاهب العرب سعة ، يقولون أمر بين كالشمس وجواد كالريح وحق كالنهار ، ولا تريد تحقيق الاشتباه وإنما تريد تحقيق الإثبات والتقريب على الأفهام ، فقد علم من عقل أن الماء أبعد الأشياء شبها بالصخر ، والله يقول في موج كالجبال فأراد العظم والعلو لا الشبه في الحقيقة ، والعرب تشبه الصورة بالشمس والقمر ، واللفظ بالسحر ، والمواعيد الكاذبة بالرياح ، ولا تعد شيئا من ذلك كذبا ولا توجب حقيقة وبالله التوفيق فتح الباري كتاب التوحيد



ص: 415 ] [ ص: 416 ] قوله باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم كذا ذكر قطعتين من آيتين ، وتلطف في ذكر الثانية عقب الأولى ؛ لرد من توهم من قوله في الحديث كان الله ولم يكن شيء قبله ، وكان عرشه على الماء أن العرش لم يزل مع الله تعالى وهو مذهب باطل ، وكذا من زعم من الفلاسفة أن العرش هو الخالق الصانع ، وربما تمسك بعضهم وهو أبو إسحاق الهروي بما أخرجه من طريق سفيان الثوري : حدثنا أبو هشام " هو الرماني بالراء والتشديد عن مجاهد عن ابن عباس قال إن الله كان على عرشه قبل أن يخلق شيئا فأول ما خلق الله القلم وهذه الأولية محمولة على خلق السماوات والأرض وما فيهما ، فقد أخرج عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وكان عرشه على الماء قال هذا بدء خلقه قبل أن يخلق السماء وعرشه من ياقوتة حمراء فأردف المصنف بقوله رب العرش العظيم إشارة إلى أن العرش مربوب وكل مربوب مخلوق ، وختم الباب بالحديث الذي فيه " فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش " فإن في إثبات القوائم للعرش دلالة على أنه جسم مركب له أبعاض وأجزاء ، والجسم المؤلف محدث مخلوق ، وقال البيهقي في " الأسماء والصفات " : اتفقت أقاويل هذا التفسير على أن العرش هو السرير وأنه جسم خلقه الله وأمر ملائكته بحمله وتعبدهم بتعظيمه والطواف به كما خلق في الأرض بيتا وأمر بني آدم بالطواف به واستقباله في الصلاة ، وفي الآيات - أي التي ذكرها - والأحاديث والآثار دلالة على صحة ما ذهبوا إليه .

قوله : قال أبو العالية استوى إلى السماء ارتفع فسوى خلق ) في رواية الكشميهني " فسواهن خلقهن " وهو الموافق للمنقول عن أبي العالية لكن بلفظ " فقضاهن ، كما أخرجه الطبري من طريق أبي جعفر الرازي عنه في قوله تعالى ثم استوى إلى السماء قال ارتفع ، وفي قوله فقضاهن : خلقهن وهذا هو المعتمد والذي وقع فسواهن تغيير ، ووقع لفظ سوى أيضا في سورة النازعات في قوله تعالى رفع سمكها فسواها وليس المراد هنا وقد تقدم في تفسير سورة فصلت في حديث ابن عباس الذي أجاب به عن الأسئلة التي قال السائل إنها اختلفت عليه في القرآن فإن فيها أنه خلق الأرض قبل خلق السماء ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات ثم دحا الأرض ثم إن في تفسير سوى بخلق نظرا ؛ لأن في التسوية قدرا زائدا على الخلق كما في قوله تعالى الذي خلق فسوى .

قوله : وقال مجاهد استوى : علا على العرش ) وصله الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه قال ابن بطال : اختلف الناس في الاستواء المذكور هنا فقالت المعتزلة معناه الاستيلاء بالقهر والغلبة واحتجوا بقول الشاعر :
قد استوى بشر على العراق من غير سيف ولا دم مهراق

وقالت الجسمية معناه الاستقرار ، وقال بعض أهل السنة معناه ارتفع ، وبعضهم معناه علا ، وبعضهم معناه الملك [ ص: 417 ] والقدرة ومنه استوت له الممالك ، يقال لمن أطاعه أهل البلاد ، وقيل معنى الاستواء التمام والفراغ من فعل الشيء ، ومنه قوله تعالى ولما بلغ أشده واستوى فعلى هذا فمعنى استوى على العرش أتم الخلق ، وخص لفظ العرش لكونه أعظم الأشياء وقيل إن " على " في قوله على العرش بمعنى : إلى ، فالمراد على هذا انتهى . إلى العرش أي فيما يتعلق بالعرش ؛ لأنه خلق الخلق شيئا بعد شيء ، ثم قال ابن بطال : فأما قول المعتزلة فإنه فاسد ؛ لأنه لم يزل قاهرا غالبا مستوليا ، وقوله ثم استوى يقتضي افتتاح هذا الوصف بعد أن لم يكن ، ولازم تأويلهم أنه كان مغالبا فيه فاستولى عليه بقهر من غالبه ، وهذا منتف عن الله سبحانه ، وأما قول المجسمة ففاسد أيضا ؛ لأن الاستقرار من صفات الأجسام ويلزم منه الحلول والتناهي ، وهو محال في حق الله تعالى ، ولائق بالمخلوقات لقوله تعالى فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك وقوله لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه قال وأما تفسير استوى : علا فهو صحيح وهو المذهب الحق وقول أهل السنة ؛ لأن الله سبحانه وصف نفسه بالعلى ، وقال سبحانه وتعالى عما يشركون وهي صفة من صفات الذات ، وأما من فسره : ارتفع ففيه نظر ؛ لأنه لم يصف به نفسه ، قال واختلف أهل السنة هل الاستواء صفة ذات أو صفة فعل ، فمن قال معناه علا قال هي صفة ذات ، ومن قال غير ذلك قال هي صفة فعل ، وإن الله فعل فعلا سماه استوى على عرشه ، لا أن ذلك قائم بذاته لاستحالة قيام الحوادث به انتهى . ملخصا . وقد ألزمه من فسره بالاستيلاء بمثل ما ألزم هو به من أنه صار قاهرا بعد أن لم يكن ، فيلزم أنه صار غالبا بعد أن لم يكن ؛ والانفصال عن ذلك للفريقين بالتمسك بقوله تعالى وكان الله عليما حكيما فإن أهل العلم بالتفسير قالوا معناه لم يزل كذلك ، كما تقدم بيانه عن ابن عباس في تفسير فصلت ، وبقي من معاني استوى ما نقل عن ثعلب استوى الوجه اتصل ، واستوى القمر امتلأ واستوى فلان وفلان تماثلا ، واستوى إلى المكان أقبل ، واستوى القاعد قائما والنائم قاعدا ، ويمكن رد بعض هذه المعاني إلى بعض ، وكذا ما تقدم عن ابن بطال ، وقد نقل أبو إسماعيل الهروي في كتاب الفاروق بسنده إلى داود بن علي بن خلف قال : كنا عند أبي عبد الله بن الأعرابي يعني محمد بن زياد اللغوي فقال له رجل الرحمن على العرش استوى فقال هو على العرش كما أخبر ، قال يا أبا عبد الله إنما معناه استولى ، فقال اسكت لا يقال استولى على الشيء إلا أن يكون له مضاد ، ومن طريق محمد بن أحمد بن النضر الأزدي سمعت ابن الأعرابي يقول أرادني أحمد بن أبي داود أن أجد له في لغة العرب الرحمن على العرش استوى بمعنى استولى فقلت والله ما أصبت هذا ، وقال غيره لو كان بمعنى استولى لم يختص بالعرش ؛ لأنه غالب على جميع المخلوقات ، ونقل محيي السنة البغوي في تفسيره عن ابن عباس وأكثر المفسرين أن معناه ارتفع وقال أبو عبيدة والفراء وغيرهما بنحوه ، وأخرج أبو القاسم اللالكائي في كتاب السنة من طريق الحسن البصري عن أمه عن أم سلمة أنها قالت " الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإقرار به إيمان ، والجحود به كفر " ومن طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه سئل كيف استوى على العرش ؟ فقال : " الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، وعلى الله الرسالة ، وعلى رسوله البلاغ ، وعلينا التسليم " وأخرج البيهقي بسند جيد عن الأوزاعي قال كنا والتابعون متوافرون نقول إن الله على عرشه ، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته ، وأخرج الثعلبي من وجه آخر عن الأوزاعي أنه سئل عن قوله تعالى ثم استوى على العرش فقال : هو كما وصف نفسه ، وأخرج البيهقي بسند جيد عن عبد الله بن وهب قال : كنا عند مالك فدخل رجل فقال يا أبا عبد الله " الرحمن على العرش استوى ، كيف استوى ؟ فأطرق مالك فأخذته الرحضاء ثم رفع رأسه فقال : الرحمن على العرش استوى وصف به نفسه ولا يقال كيف ، وكيف عنه مرفوع ، وما أراك إلا صاحب بدعة أخرجوه " ومن طريق يحيى بن يحيى عن مالك نحو المنقول عن أم سلمة لكن [ ص: 418 ] قال فيه " والإقرار به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وأخرج البيهقي من طريق أبي داود الطيالسي قال : كان سفيان الثوري وشعبة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وشريك وأبو عوانة لا يحددون ولا يشبهون ويروون هذه الأحاديث ولا يقولون كيف ، قال أبو داود وهو قولنا ، قال البيهقي وعلى هذا مضى أكابرنا وأسند اللالكائي عن محمد بن الحسن الشيباني قال : اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن وبالأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرب من غير تشبيه ولا تفسير ، فمن فسر شيئا منها وقال بقول جهم فقد خرج عما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وفارق الجماعة ؛ لأنه وصف الرب بصفة لا شيء ، ومن طريق الوليد بن مسلم سألت الأوزاعي ومالكا والثوري والليث بن سعد عن الأحاديث التي فيها الصفة فقالوا : أمروها كما جاءت بلا كيف " وأخرج ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي عن يونس بن عبد الأعلى سمعت الشافعي يقول : لله أسماء وصفات لا يسع أحدا ردها ، ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فقد كفر ، وأما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل ؛ لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا الرؤية والفكر ، فنثبت هذه الصفات وننفي عنه التشبيه كما نفى عن نفسه ، فقال ليس كمثله شيء وأسند البيهقي بسند صحيح عن أحمد بن أبي الحواري عن سفيان بن عيينة قال " كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عنه " ومن طريق أبي بكر الضبعي قال : مذهب أهل السنة في قوله الرحمن على العرش استوى قال بلا كيف والآثار فيه عن السلف كثيرة ، وهذه طريقة الشافعي وأحمد بن حنبل ، وقال الترمذي في الجامع عقب حديث أبي هريرة في النزول وهو على العرش كما وصف به نفسه في كتابه ، كذا قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبهه من الصفات ، وقال في باب فضل الصدقة قد ثبتت هذه الروايات فنؤمن بها ولا نتوهم ولا يقال كيف ، كذا جاء عن مالك وابن عيينة وابن المبارك أنهم أمروها بلا كيف ، وهذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة ، وأما الجهمية فأنكروها وقالوا هذا تشبيه ، وقال إسحاق ابن راهويه إنما يكون التشبيه لو قيل : يد كيد وسمع كسمع ، وقال في تفسير المائدة قال الأئمة نؤمن بهذه الأحاديث من غير تفسير ، منهم الثوري ومالك وابن عيينة وابن المبارك وقال ابن عبد البر : أهل السنة مجمعون على الإقرار بهذه الصفات الواردة في الكتاب والسنة ، ولم يكيفوا شيئا منها ؛ وأما الجهمية والمعتزلة والخوارج فقالوا من أقر بها فهو مشبه فسماهم من أقر بها معطلة ، وقال إمام الحرمين في الرسالة النظامية : اختلفت مسالك العلماء في هذه الظواهر فرأى بعضهم تأويلها والتزم ذلك في آي الكتاب وما يصح من السنن ، وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الله تعالى والذي نرتضيه رأيا وندين الله به عقيدة اتباع سلف الأمة للدليل القاطع على أن إجماع الأمة حجة فلو كان تأويل هذه الظواهر حتما لأوشك أن يكون اهتمامهم به فوق اهتمامهم بفروع الشريعة ، وإذا انصرم عصر الصحابة والتابعين على الإضراب عن التأويل كان ذلك هو الوجه المتبع انتهى . وقد تقدم النقل عن أهل العصر الثالث وهم فقهاء الأمصار كالثوري والأوزاعي ومالك والليث ومن عاصرهم ، وكذا من أخذ عنهم من الأئمة ، فكيف لا يوثق بما اتفق عليه أهل القرون الثلاثة ، وهم خير القرون بشهادة صاحب الشريعة ، وقسم بعضهم أقوال الناس في هذا الباب إلى ستة أقوال قولان لمن يجريها على ظاهرها ؛ أحدهما من يعتقد أنها من جنس صفات المخلوقين وهم المشبهة ويتفرع من قولهم عدة آراء ، والثاني من ينفي عنها شبه صفة المخلوقين ؛ لأن ذات الله لا تشبه الذوات فصفاته لا تشبه الصفات فإن صفات كل موصوف تناسب ذاته وتلائم حقيقته ، وقولان لمن يثبت كونها صفة ولكن لا يجريها على ظاهرها ؛ أحدهما يقول لا نؤول شيئا منها بل نقول الله أعلم بمراده ، والآخر يؤول فيقول مثلا معنى الاستواء الاستيلاء ، واليد القدرة ونحو ذلك ، وقولان لمن لا يجزم بأنها صفة أحدهما يقول [ ص: 419 ] يجوز أن تكون صفة وظاهرها غير مراد ، ويجوز أن لا تكون صفة ، والآخر يقول لا يخاض في شيء من هذا بل يجب الإيمان به ؛ لأنه من المتشابه الذي لا يدرك معناه
فتح الباري كتاب التوحيد


1223 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ينزل ربنا " ) ، أي : أمره لبعض ملائكته أو ينزل مناديه ( " تبارك " ) : كثر خيره ورحمته وآثار جماله ( " وتعالى " ) : عن صفات المخلوقين من الطلوع والنزول ، وارتفع عن سمات الحدوث بكبريائه وعظمته وجلاله ، قيل : إنهما جملتان معترضتان بين الفعل وظرفه للتنبيه على التنزيه ، لئلا يتوهم أن المراد بالإسناد ما هو حقيقته ، ( " كل ليلة إلى السماء الدنيا " ) : قال ابن حجر ، أي ينزل أمره ورحمته أو ملائكته ، وهذا تأويل الإمام مالك وغيره ويدل له الحديث الصحيح " إن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل ، ثم يأمر مناديا ينادي فيقول : هل من داع فيستجاب له ؟ " الحديث ، والتأويل الثاني ، ونسب إلى مالك أيضا ، أنه على سبيل الاستعارة ، ومعناه الإقبال على الداعي بالإجابة واللطف والرحمة وقبول المعذرة ، كما هو عادة الكرماء ، لا سيما الملوك إذا نزلوا بقرب محتاجين ملهوفين مستضعفين .

قال النووي في شرح مسلم : في هذا الحديث وشبهه من أحاديث الصفات وآياتها مذهبان مشهوران . فمذهب جمهور السلف وبعض المتكلمين الإيمان بحقيقتها على ما يليق به تعالى ، وأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد ، ولا نتكلم في تأويلها مع اعتقادنا تنزيه الله سبحانه عن سائر سمات الحدوث . والثاني : مذهب أكثر المتكلمين وجماعة من السلف ، وهو محكي عن مالك والأوزاعي إنما تتأول على ما يليق بها بحسب بواطنها ، فعليه : الخبر مئول بتأويلين ، أي المذكورين ، وبكلامه وبكلام الشيخ الرباني أبي إسحاق الشيرازي ، وإمام الحرمين ، [ ص: 924 ] والغزالي وغيرهم من أئمتنا وغيرهم يعلم أن المذهبين متفقان على صرف تلك الظواهر ، كالمجيء ، والصورة ، والشخص ، والرجل ، والقدم ، واليد ، والوجه ، والغضب ، والرحمة ، والاستواء على العرش ، والكون في السماء ، وغير ذلك مما يفهمه ظاهرها لما يلزم عليه من مجالات قطعية البطلان تستلزم أشياء يحكم بكفرها بالإجماع ، فاضطر ذلك جميع الخلف والسلف إلى صرف اللفظ عن ظاهره ، وإنما اختلفوا هل نصرفه عن ظاهره معتقدين اتصافه سبحانه بما يليق بجلاله وعظمته من غير أن نئوله بشيء آخر ، وهو مذهب أكثر أهل السلف ، وفيه تأويل إجمالي أو مع تأويله بشيء آخر ، وهو مذهب أكثر أهل الخلف وهو تأويل تفصيلي ، ولم يريدوا بذلك مخالفة السلف الصالح ، معاذ الله أن يظن بهم ذلك ، وإنما دعت الضرورة في أزمنتهم لذلك ; لكثرة المجسمة والجهمية وغيرها من فرق الضلالة ، واستيلائهم على عقول العامة ، فقصدوا بذلك ردعهم وبطلان قولهم ، ومن ثم اعتذر كثير منهم وقالوا : لو كنا على ما كان عليه السلف الصالح من صفاء العقائد وعدم المبطلين في زمنهم لم نخض في تأويل شيء من ذلك ، وقد علمت أنمالكا والأوزاعي ، وهما من كبار السلف أولا الحديث تأويلا تفصيليا ، وكذلك سفيان الثوري أول الاستواء على العرش بقصد أمره ، ونظيره ثم استوى إلى السماء ، أي : قصد إليها ، ومنهم الإمام جعفر الصادق ، بل قال جمع منهم ومن الخلف : إن معتقد الجهة كافر ، كما صرح به العراقي ، وقال : إنه قول لأبي حنيفة ومالك والشافعي والأشعري والباقلاني . وقد اتفق سائر الفرق على تأويل نحو : ( وهو معكم أين ما كنتم ) ، ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) الآية ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) و ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) ، و " قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن " ، " والحجر الأسود يمين الله في الأرض " وهذا الاتفاق يبين لك صحة ما اختاره المحققون أن الوقف على ( الراسخين في العلم ) لا الجلالة .

قلت : الجمهور على أن الوقف على ( إلا الله ) وعد ، وأوقفه وقفا لازما ، وهو الظاهر ; لأن المراد بالتأويل معناه الذي أراده تعالى وهو في الحقيقة لا يعلمه إلا الله جل جلاله ولا إله غيره ، وكل من تكلم فيه تكلم بحسب ما ظهر له ، ولم يقدر أحد أن يقول : إن هذا التأويل هو مراد الله جزما ، ففي التحقيق الخلاف لفظي ، ولهذا اختار كثيرون من محققي المتأخرين عدم تعيين التأويل في شيء معين من الأشياء التي تليق باللفظ ، ويكلون تعيين المراد بها إلى علمه تعالى ، وهذا توسط بين المذهبين وتلذذ بين المشربين ، واختار ابن دقيق العيد توسطا آخر ، فقال : إن كان التأويل من المجاز البين الشائع ، فالحق سلوكه من غير توقف أو من المجاز البعيد الشاذ فالحق تركه ، وإن استوى الأمران فالاختلاف في جوازه وعدمه مسألة فقهية اجتهادية ، والأمر فيها ليس بالخطر بالنسبة للفريقين .

قلت : التوقف فيها لعدم ترجيح أحد الجانبين ، مع أن التوقف مؤيد بقول السلف ، ومنهم الإمام الأعظم ، والله أعلم .

وقال القاضي : المراد بنزوله : دنو رحمته ومزيد لطفه على العباد ، وإجابة دعوتهم ، وقبول معذرتهم ، كما هو ديدن الملوك الكرماء والسادة الرحماء إذا نزلوا بقرب قوم ملهوفين محتاجين مستضعفين ، وقد روي : يهبط من السماء العليا إلى السماء الدنيا ، أي : ينتقل من مقتضى صفات الجلال التي تقتضي الأنفة من الأرذال ، وعدم المبالاة ، وقهر العداة ، والانتقام من العصاة إلى مقتضى صفات الجمال المقتضية للرأفة والرحمة وقبول المعذرة والتلطف بالمحتاج ، واستقراض الحوائج ، والمساهلة ، والتخفيف في الأوامر والنواهي ، والإغضاء عما يبدو من المعاصي ، ولهذا قيل : هذا تجل صوري لا نزول حقيقي ، فارتفع الإشكال ، والله أعلم بالحال
مؤقتة باب تحريض قيام الليل

പ്രവാചകത്വത്തിന്റെ തെളികൾപാത്രത്തിലെ വെള്ളം അത്ഭുതകരമായി വർധിപ്പിക്കുമെന്ന പ്രവചനം

 *മുഹമ്മദ് നബി അല്ലാഹു അയച്ച ദൂദരാണന്നതിന്റെ അടയാളങ്ങൾ* *പ്രവാചകത്വത്തിന്റെ തെളികൾ* Aslam Kamil Saquafi parappanangadi ഭാഗം : 4 *പാത്രത്തിലെ...